اكد وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المستشار د ..فهد العفاسي أن دخول مبدأ التحكيم في مجال القضاء الإداري له يعد مبادرة بناءة في مسيرة تحقيق العدالة الناجزة.
جاء ذلك في كلمة القاها الوزير العفاسي في افتتاح أعمال الملتقى العربي الـ 3 للقضاء الإداري الذي ينظمه المجلس الأعلى للقضاء بالتعاون مع الاتحاد العربي للقضاء الإداري وبحضور رئيس المجلس الاعلى للقضاء ورئيس محكمتي التمييز والدستورية المستشار يوسف المطاوعة تحت عنوان «التحكيم في العقود الادارية».
وأكد العفاسي أن ذلك يعد فرصة سانحة للقيام بتشخيص جماعي لواقع التحكيم الاداري والتطور الذي عرفه والوقوف أيضا على أبرز التحديات التي تواجه اقتراح التوجهات الكبرى لبلورة رؤية مشتركة لتطويره.
وذكر أن هذه الملتقيات العلمية مناسبة مهمة نظرا لكونها تتيح لشخصيات قضائية وقانونية مرموقة وفدوا من أقطار شقيقة تحذوهم رغبة أكيدة في أن يغنوا موضوعه النير من أفكارهم والحصيف من آرائهم وأن يبحث بروح التآزر في جو من الزمالة الصافي مختلف القضايا ذات الصلة بالتحكيم في العقود الادارية مستشرفين آفاق المستقبل امام هذا الفرع الهام من القانون.
وأوضح ان التقاضي لايزال الوسيلة الأساسية لحل النزاعات غير انه مع تطور ظروف التجارة والاستثمار الداخلي والدولي ورغبة كثير من المتخاصمين في تيسير إجراءات التقاضي وتسريعها وتقليص مراحلها والتخفيف من عبء التقاضي النفسي والمادي ظهر التحكيم فتطور مع تطور التجارة والاستثمارات الدولية.
وأشار الى أن التحكيم اصبح من أهم الوسائل البديلة التي حظيت باهتمام متزايد من مختلف الأنظمة القانونية نظرا لما يوفره من سرعة وفعالية في البت وليونة وبساطة في الإجراءات وذلك من كونه اتفاقا بين أطراف النزاع قائما بعيدا عن قضاء الدولة المختص بإسناد النظر فيه الى شخص أو عدة اشخاص على أن يكون الحكم الصادر ملزما للخصوم، فضلا عما يميز التحكيم من إعادة النفوس إلى صفائها وتراضيها بعد شقاقها وتعاديها وإزالة ما يسببه التخاصم من ضغائن وأحقاد.
بدوره، قال رئيس الاتحاد العربي للقضاء الاداري ورئيس مجلس الدولة المصري المستشار احمد ابوالعزم في كلمة مماثلة أنه وايمانا من الاتحاد بأهمية موضوع الملتقى فقد افرده في محاور عدة بداية من بيان ماهية التحكيم كنظام لتسوية المنازعات الناشئة عن العقود الادارية كوسيلة بديلة عن اللجوء للقضاء الوطني المخول له الفصل في هذه النزاعات.
وبيّن أن ذلك النظام وإن لم يكن حديث العهد بطرق تسوية المنازعات بتنظيمه الحالي وشكله الماثل، اذ عرف قديما منذ نشأة العلاقات الانسانية والتجارية في صورة تصالح ثم تطور مع تطورها وبرز دوره مع تعقد الحياة وتشابكها واصبح يمثل ضرورة لسرعة انهاء ما يتولّد من منازعات، لاسيما المنازعات الاستثمارية منها.
وذكر المستشار ابوالعزم انه لم يتبلور كبديل للقضاء الوطني الا بعد تقنينه بقوانين تنظم وأحكامه ونعالج في جلسات متتالية مدى مشروعية اتفاق التحكيم في العقود الإدارية وماهية اجراءات التحكيم وشكل اتفاق التحكيم وتشكيل الهيئة التي تتولاه فضلا عن مناقشة التحكيم في العقود الإدارية والدولية وما أشكال اتفاق التحكيم وحجية حكم التحكيم أمام المحاكم وطرق الطعن على أحكام التحكيم في جلسات هذا الملتقى.
وتابع قائلا «لا شك في أن كثرة المتغيرات الاقتصادية والاستثمارية وتطور دور الدولة في مجال القانون العام ولاسيما العقود الإدارية التي تعدها أحد وسائل الدولة في تنفيذ مشروعاتها وتحقيق برامجها الإنمائية والخروج بها من الطور الداخلي إلى الطور الدولي مما أدى إلى تنامي دور التحكيم لإنهاء النزاعات التي تنشأ عن تنفيذ تلك العقود الإدارية مسايرة لتلك المتغيرات ومواكبة لسرعتها».
واستطرد قائلا «من هنا ندق ناقوس الخطر في تعدد التحكيمات بين الدول العربية والشركات الأجنبية وما نلاحظه ونراقبه من خسارة منازعات التحكيم مما يستوجب ـ من وجهة نظري ـ ضرورة مراجعة نظم التحكيم في الدول العربية ومحاولة جمعها في نظام واحد يحل كثيرا من مشاكلنا وهو ما يستوجب النظر في العديد من الأمور، ودراسة التحكيم في كليات الحقوق دراسة الأنظمة المتقدمة لإعداد الكوادر المتخصصة في إبرام العقود الإدارية ومشارطات التحكيم التي تحدد ابتداء الحقوق والواجبات».
واضاف المستشار ابوالعزم: وكذلك إنشاء نظام عربي موحد لحل منازعات التحكيم وقد يكون من الملائم في هذا الشأن طرح فكرة إقامة مركز للتدريب على نظم التحكيم وإجراءاته وطرق التسوية مقترحا إقامته في القاهرة يضم ممثلين من كل دول الاتحاد للتدريب ورجال القضاء في هذه الدول والتحكيم الصورة كإجراء للفصل في النزاعات يمثل استثناء من الأصل وهو اختصاص القضاء الوطني بها فلا ينشأ إلا باتفاق بين أطراف النزاع، وقد يأخذ هذا الاتفاق شكل شرط يضمنه الأطراف بنود العقد المبرم بينهما يجيز اللجوء إلى التحكيم لحل ما قد ينشأ عن تنفيذ العقد من نزاعات، وقد يأخذ شكل مشارطة تحكيم وذلك باتفاق مستقل بين أطراف النزاع باللجوء إلى التحكيم لحل النزاع ولقد اعتنى الفقه والقضاء سواء في الداخل والخارج بهذه المسألة أيما اعتناء واستشعرا أهميتها فانكفآ يفرزان من الآراء الفقهية والأحكام القضائية ما يسهم بشكل كبير في بناء وتشكيل الفكر القانوني حول موضوع التحكيم وهو ما سيلقى دراسة واهتماما في هذا الملتقى.